اسيوط الان

اخبار عاجلة

السبت

10 آلاف مواطنا سقطوا من السجلات الرسمية فى المعابدة بأسيوط


·       المعابدة قرية بها 100 ألف مواطن بلا سيارة اسعاف ولا مدرسة ثانوية
·       الحياة بالمعابدة تنتهى عند سن السابعة عشرة
·       10 آلاف مواطنا سقطوا من السجلات الرسمية فى المعابدة بأسيوط
أسيوط – أسامة صديق
يبدو أن العصبيات القبلية مازالت تحكم رغم مرور السنين وتعاقب الزمن فقرية المعابدة التابعة لمركز أبنوب تعانى عزلة اجتماعية وثقافية فرضتها عليها الظروف منذ أن صنفتها تقارير الأمم المتحدة لعام 1952 كثانى بلدة بعد مدينة شيكاغو فى عدد جرائم القتل ، ويبدو أنه منذ ذلك الزمن لم يسامح القدر تلك القرية التى يتسم أهلها بالشجاعة والرجولة وحسن المعشر حيث انتهت تقريبا جرائم القتل إلا نادرا ، مأساة حقيقية يعيشها أهالى قرية المعابدة البالغ عدد سكانها ما يربو على مائة ألف نسمة حسب آخر الإحصاءات الحكومية وحوالى عشرة آلاف نسمة آخرين لم يشملهم الإحصاء ويعيشون بلا هوية  داخل القرية ، رغم الأهمية التاريخية والأثرية التى تشم من خلالها رائحة العراقة والأصالة حيث تضم الدير المعلق الذى يمثل وجهة للزائرين وضمن أهم الأماكن الأثرية بأسيوط .
حينما انطلقنا بالسيارة متخذين وجهتنا قرية المعابدة عزمنا على ألا أن نعود إلا بحقائق لنضعها بين أيدى المسئولين لتجد طريقها لحلول جذرية لمشكلات تأصلت عبر الدهور ، أخذ الطريق يدغدغ أجسامنا داخل السيارة ليعلن لنا اقترابنا من قرية المعابدة ولم نمهل كثيرا بعد مرورنا بطريق غير ممهد حيث يمتد لثلاثين كيلو مترا من مدينة أبنوب حيث تضاعف زمن الوصول ، تفتقت أذهاننا إلى أن لو مريضا أو شخص أصيب فى حادث ما ويحتاج لنقل دم واستدعت حالته الحرجة نقله إلى مدينة أبنوب أو مدينة أسيوط لحدثت كارثة وتوجهنا فور وصولنا لمستشفى القرية فلم نجد إلا طبيبا واحدا ، وفى سؤالنا لأهالى القرية عن الخدمات الطبية والصحية التى تؤدى لهم رد جميعهم أن هناك نقصا فى الأدوية والمستلزمات الطبية مثل مصل العقرب وحقن التيتانوس رغم أن المستشفى مؤهلة تماما للعمل إلا أن نقص الرعاية حد من قدرتها على أداء جيد والمفزع أنه لا يوجد سيارة اسعاف خاصة بالقرية حتى الآن  .
ورغم تنامى دور المجتمع المدنى بمحافظة أسيوط بعد أن أولى اللواء نبيل العزبى محافظ أسيوط قدرا كبيرا من الاهتمام بقدرة تلك الجمعيات ومنظمات المجتمع الأهلى إلا أن الوضع ينذر بكارثة حقيقية  فى " المعابدة " ، طفى على السطح سؤال مستفز أين هى تلك الجمعيات الأهلية - التى تتباهى بندوات ومؤتمرات وحفلات – من تلك الكارثة السكانية فكيف يعيش عشرات الآلاف بلا رعاية حكومية ولا أهلية ، بلا خدمات حقيقية تأمن لهم حياة كريمة ، كيف غفل عن هؤلاء أن الجريمة لا تأتى صدفة إنما هى نتاج مؤثرات اجتماعية واقتصادية ، كيف مر كل هذا الزمن منذ عام 1952 وحتى الآن ولم تتحرك إلا قليلا من المنظمات الدولية منذ عام أواثنين لتدخل تلك القرية إلا أن أهل القرية مازلوا فى احتياج مسيس لإعادة صياغة لحياة كريمة وآمنة من خلال خدمات تقدم حكومية كانت أم أهلية .
بداية من " رغيف " الخبز فحدث ولا حرج حيث تعانى الكثير من الأسر فى أماكن متفرقة من صعوبة الوصول لمنفذ البيع ، حيث يتزاحم الأهالى على تسعة مخابز فقط ، فهل من المعقول إذا افترضنا أن كل طابور أمام كل مخبز يبيع في اليوم لمائة شخص أى تسعمائة شخص فى اليوم وتعداد القرية يربو على مائة ألف نسمة ، وجدير بالذكر أن الأهالى تحركوا لحل تلك المشكلة وتقدموا بالعديد من طلبات إنشاء المخابز مما رفع عدد المخابز تحت الإنشاء لأحد عشر مخبزا ومازالت حتى الان المشكلة قائمة  .
ويعانى الأهالى وخاصة الطلاب منهم من عدم توفر المواصلات حيث تنقطع كل السبل المؤدية للقرية بعد الساعة الخامسة مساء ، مما يمثل عبئا اجتماعيا وماديا ونفسيا على كل أهالى القرية اللذين ينتقلون من القرية بطريقة يومية ، واللافت للنظر أنه تم إلغاء الأتوبيس " الحلزونة " كما كان يطلق عليه الأهالى حيث كان يسهل الانتقال بشكل كبير ، وفى حالة الاضطرار للانتقال عن طريق مركز منفلوط الملاصق للقرية يضطر الأهالى لاستقلال ( المعدية ) التى تعمل فى الشتاء من 7 صباحا وحتى الخامسة مساء فى الصيف من السادسة صباحا حتى السادسة مساء ، وفى محاولة للحل يقترح الأهالى إنشاء كوبرى يربط بين شرق النيل ( قرية المعابدة ) بغربه ( قرى مركز منفلوط ) الذي سوف يوفر العناء لآلاف المواطنين ، ويتيح الفرصة لشباب وفتيات القرية لاستكمال تعليمهم بالجامعة حتى لاتتوقف الحياة عند سن السابعة عشرة .
ورغم ان  التعليم يعد اساس اى نهضة حضارية وضمان مستقبل واضحة معالمه إلا أن الواقع بالقرية يعكس غير ذلك فلا يوجد الا حضانة واحدة حكومية واخرى تابعة لجمعية النور الخيرية بالمعابدة حيث لا تمنح تلك الحضانات أية شهادات تثبت تخرج الأطفال منها ، جدير بالذكر أنه كانت محاولات جادة من بعض الجمعيات لافتتاح حضانات ولكن جميعها باء بالفشل لعدة أسباب منها بعد المكان الذى يضطر المعلمات المؤهلات لتلك العملية التعليمية بالاستغناء عن العمل فى المعابدة مما يفتح المجال للمعلمات غير المؤهلات للقيام بالتدريس للأطفال  مما يستتبعه عدم ضمان الجودة التعليمية .
ولا يوجد بالقرية الا مدرستين ابتدائيتين تضم كل واحدة منها 36 فصلا صباحا ومساء حيث يصل عدد الطلاب بالفصل الواحد الى 60 طالبا وتعانى المدرستان من انعدام النظافة ، وأصابنا الذهول حين سماعنا  أن عدد دورات المياه هو ثلاثة فقط واذا قمنا بعملية حسابية صغيرة نجد ان عدد الطلاب 2160 فلو أن كل طالب قضى حاجته فى دقيقة واحدة فسوف ينتهى اليوم الدراسى وقد قضى 420 طالبا فقط حاجتهم ويتبقى لنا 1740 طالبا يبحثون عن طرق اخرى لقضاء حاجتهم . وعلى الجانب الآخر تضطر المدراس لقبول الطلاب على سبعة أعوام مما يضيع عاما كاملا من عمر أطفال القرية  مثل مدرسة عزبة محمد خليل الابتدائية .
والطامة الكبرى أن عدد التلاميذ فى ازدياد  فعلى سبيل المثال يوجد بالقرية مدرستان إعداديتان مشتركتان ، ولا توجد مدرسة ثانوى مما يضطر الطلاب والطالبات وهم فى سن حرج للانتقال الى بلدة اخرى وهي قرية بنى محمديات حيث تبعد خمسة عشر كيلو مترا  عن القرية ، ومنذ زمن بعيد يطالب الأهالى ببناء مدرسة ثانوى رحمة بأبنائهم ومنذ عامين فقط استجابوا لهم وبدا العمل فى المدرسة وحتى الآن لم ينتهوا من بنائها  .
ويعانى أهالى القرية من ضعف فى الكهرباء مما يضطرهم لعدم تشغيل الأجهزة ثمينة القيمة مثل (الثلاجات – الكمبيوتر إن وجد )  وانقطاع المستمر فى الكهرباء طوال مرحلة الصيف ويطالب الأهالى  بتدعيم القرية بمحولات كهربائية جديدة.
وتتراوح نسبة البطالة بين أبناء القرية ما بين خمسين إلى سبعين  بالمائة من الشريحة السكانية التى يمثل فيها الشباب اكثر من ستين بالمائة ومعظمهم من خريجى الدبلومات اللذين يفضلون السفر الى الخارج لبلاد مثل السعودية ,ليبيا ,الأردن .
ولكن ما يبعث الأمل فى النفوس أن القرية تحوى بين جنباتها مركزا للشباب وقصرا للثقافة ولكن الأول لم تمارس فية إلا كرة القدم  لانعدام المتابعة والرقابة , وقصر الثقافة الذى أنشئ منذ عشر سنوات لايعلم أهل القرية عنة إلا اسمه  فلا نشاط ولا اى مظاهر تدل على كونه قصرا للثقافة فى قرية تحكمت فيها عادات وتقاليد أثرت سلبا على مستقبل القرية وصنعت عزلة اجتماعية افقدتها اللحاق بركب التقدم والازدهار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts with Thumbnails